لوكا مودريتش.. الطفل اللاجئ الذي اعتلى مجد كرة القدم، قصة صعود موهبة صقلتها الحرب الأهلية والعيش في المخيمات وكادت أن تتحطم على أبواب الأندية الكرواتية، وفي السطور التالية يتناول موقع بوابة الخليج قصة نجاح لوكا مودريتش، أحد أكثر لاعبي وسط الملعب تكاملا على مر تاريخ كرة القدم.
لوكا مودريتش.. الطفل اللاجئ الذي اعتلى مجد كرة القدم
اتكأ على عصاه، يجر قدميه لا يعرف أين يذهب، فأولاده جوعى، وأغنامه جوعى، والأرض حوله جوعى، يكسوها السواد، فالنيران ألتهمت كل شيء من حوله، وبقي الرماد ليقص حكاية الحرب الأهلية في يوغوسلافيا، التي لم تُبقي ولم تذر.
ساق أغنامه حتى سهب مخضر قريب من المنزل، حيث رصدته شاحنة القوات الصربية التي كانت تراقب المنطقة، فأوقفوا لوكا مودريتش، الكهل السبعيني، وأفرغوا الرصاص في جسده بدم بارد.
وصل صوت طلقات الرصاص إلى البيت، فهرول الابن الأكبر يفتش عن أبيه، وما أن رآه مضرجا في دمائه حتى قرر الرحيل، لا يعلم طريق للهرب من الموت الحتمي إلا طريق مخيمات اللاجئين.
سارت الأسرة الملكومة مسافات طويلة معًا، وقد شردت أفكارهم، وبينما كل منهم في حال إذا بالصغير لوكا، البالغ من العمر 6 سنوات، يختفي عن الأنظار، فهرع أبوه يبحث عنه. ومرت الساعات موحشة حتى وجدوا الصغير مع جماعة أخرى من الكروات المرتحلين، فضمت الأم وليدها، وهدأ شتات نفسها.
مرت الأيام ثقيلة على الجميع في مخيم منظمة الصليب الأحمر الدولي، إلا على لوكا، الذي وجد في لعب كرة القدم سعادته، رغم تحزيرات أسرته له من الغارات والقنابل والألغام، وأخيرا أنتهت الحرب، وعادوا إلى البيت مرة أخرى، وكبر طموح الشاب لوكا، صاحب الستة عشر عامًا، في أن يحترف لعب كرة القدم، فخاض أختبارات الإنضمام لكل الأندية المحلية حتى اقتنع به مدرب نادي دينامو زغرب، ليلتحق الصغير بفريق الشباب، ويعمل على تقوية بنيته الجسدية ليشق طريقه نحو فريق الكبار في الموسم التالي.
سريعا ما أثبت نفسه، وأعاره ناديه إلى نادي موستار في الدوري البوسني، حيث أشتد عوده وثقلت مهاراته، قبل أن يعود للدوري الكرواتي ثانيةً، لكن هذه المرة مع نادي زابريستش لمدة ثلاثة مواسم، ليصبح أبرز لاعبي خط الوسط الواعدين في بلاده.
مع نجاحات مودريتش، كان لابد وأن يذيع اسمه خارج حدود كرواتيا، حتى وصل إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، فاختطفه نادي توتنهام مقابل 22 مليون أورو، وقدمه للعالم، وهناك كان لوكا على موعد مع المنافسات الأوروبية الكبرى.
واصل لوكا أداءه الرائع، فأصبح مطلبا لأندية الصف الاول، وفي مقدمتهم النادي الملكي، ريال مدريد، الذي ضمه سنة 2012، ليبدأ معه مسيرة جديدة في حصد الألقاب والبطولات والجوائز على الأراضى الإسبانية، حتى أصبح رمزا لـ “الميرينغي” لمدة 12 عاما.